The concept of elegance in the the philosophy of Emmanuel levins

Author

Abstract

مفهوم الإتيقا في فلسفة "إيمانويل ليفينس"
 
الصفا علي الفيل*
 
تحــت إشـــراف
     
 
 
المستخلص 
يعرف " ليفينس" بأنه فيلسوف اتيقا الغيرية وفيلسوف الوجه، فلقد ظل " ليفينس" طوال حياته الفکرية ينادي بأن تکون الاتيقا هى الفلسفة الأولى، هذه الاتيقا تعتمد على التوجه نحو الآخر الإنساني والحوار معه وجهًا- لوجه، متخذًا من الوجه رکيزة لفلسفته حيث يصف الوجه بالفقر والضعف والعوز، هذه التعبيرات تجبرني على الإستجابة له وتحمل المسؤولية عنه والموت من أجله.
فلقد جعل " ليفينس" للوجه قداسة إلى الدرجة التي جعلته يرى أن الله اللامتناهي يتجلى على الوجه الإنساني کآثر عابر يدعونا إلى عدم قتل الآخر قائلًا " لا تقتل البته،" أي أنه بمثابة دعوة صريحة إلى محبة الآخر ورعايته والاهتمام به متأثرًا في ذلک" باليهودية ولقاء الله مع موسى عليه السلام وجهًا – لوجه ليؤکد على قداسة الوجه واللقاء مع الآخر وأهمية هذا اللقاء. فلقد اعتمد على التقاليد اليهودية في صياغة اتيقاه بعد فشل الأخلاق من وجهة نظره في أحداث الهولوکست. فرفض کل المذاهب الأخلاقية وصاغ اتيقا الوجه.
الکلمات المفتاحية: الوجه،اللانهائي،المسؤولية، الإنفصال، الخضوع والتبعية
مقدمة البحث:
     يعد الفيلسوف الليتواني الأصل الفرنسي الجنسية" إيمانويل ليفينس Emmanuel Levinas"(1906-1995) أحد أهم فلاسفة القرن العشرين،حيث ساهم في نقل التيار الفينومينولوجي من ألمانيا إلى فرنسا. فکانت فلسفته بمثابة ثورة على التراث الفلسفي الغربي الذي اهتم بمقولات العقل والمنطق والسؤال عن الوجود وعن الذات وعلاقتها بالموضوع، ، فلقد رفض " ليفينس" هذا التراث لأنه أهمل السؤال عن الآخر الإنساني وعلاقته بالآخر.
وتکمن أهمية " ليفينس" الفلسفية في أنه سعى إلى تحرير نفسه من الفلسفة االمفتونة بمسألة الوجود والسؤال عن وجود الأشياء والعالم، والفلسفة الکليانية التي هيمنت على الفلسفة الغربية منصرفًا إلى الاهتمام بالاتيقا بوصفها الفلسفة الأولى وأنها ليست فرعًا من فروع الفلسفة، فهو يرفض الأخلاق التقليدية بإعتبارها في وجهة نظره مجموعة من الأوهام النسبية تاريخيًا وثقافيًا وتهيمن عليها المصالح الذاتية. کما أنها ليست أخلاق الواجب التي تعتمد على العقلانية في التنظيم الإجتماعي للسلوک الإنساني والضرورة الحتمية لأوامر العقل. 
وتعتمد  الاتيقا عنده على اللقاء مع الآخر الإنساني من خلال الوجه الإنساني حيث يتجلى الله على الوجه قائلًا " لا تقتل" والتي هى أحد الوصايا العشر في الديانة اليهودية، فيتجلى الله کآثر داعيًا الأنا بضرورة تحمل المسؤولية اللانهائية والاستجابة والخضوع للآخر دون انتظار معاملة بالمثل، ومن ثم فهى علاقة غير متماثلة بين الأنا والأنت، بحيث تکون الأنا مضطهدة ورهينة للآخر، وهو بذلک نجده قد اختلف مع الفيلسوف " مارتن بوبر" الذي أکد على العلاقة المتناظرة والمتماثلة بين الأنا والأنت.وتتحدد هوية الذات عند " ليفينس" من خلال استجابتها للآخر وخضوعها له وليس من خلال أفعالها الحرة التي تقوم بها بإختيار حر.
مشکلة الدراسة:-
جاءت الدراسة لطرح العديد من الإشکاليات والتساؤلات التي تتعلق بالاتيقا والوجه، منها.
1- ماذا يقصد " ليفينس" بالوجه؟ وما الدور الذي يلعبه في فلسفته؟
2- ما هى الأصول الدينية والفلسفية التي اعتمد عليها " ليفينس" في تصوره للوجه؟
3- ما الدور الذي يلعبه اللانهائي في الاتيقا؟
4- هل المسؤولية نحو الآخر تفضي إلى العبودية عند" ليفينس"؟ وما الفرق بين المسؤولية عند " سارتر" و" ليفينس"؟
5- هل يوجد معنى حقيقي للذاتية عند" ليفينس"؟
6- هل هناک معنى حقيقي للحرية في فلسفة " ليفينس" الاتيقية؟
7- کيف تصور" ليفينس" الموت؟ وما هى أوجه نقده لتصور"هيدجر" للموت؟
أهداف الدراسة:-
- تهدف الدراسة إلى توضيح أهمية وقداسة الوجه عند " ليفينس" ودوره في تأسيس المشروع الاتيقي.
- التأکيد على أهمية اللقاء مع الآخر الإنساني وضرورة العيش الجيد مع الآخر ورعايته.
منهج الدراسة:-
افترضت طبيعة الموضوع وتنوع مادته استخدام المنهج ( التحليلي والنقدي، المقارن).
 
أولاً : دلالة الوجه The Face:
يلعب مفهوم الوجه دورًا محوريًا في فلسفة " ليفينس Levinas" وهو المفهوم الأساسي والخاص به، وقد استندت عليه کل المفاهيم والتصورات الفلسفية والاتيقية الآخرى لديه. ونظرًا لأهمية هذا المفهوم سوف توضحه الباحثة من خلال بعض التساؤلات وهى: ماذا يقصد " ليفينس" بالوجه؟ وما المنهج الذي اعتمد عليه في تحليله للوجه؟ وما هى الأصول أو المصادر التي اعتمدها عليها لتدعيم آراءه عن الوجه؟
يبدأ " ليفينس" فلسفته بالاتيقا جاعلًا اياها الفلسفة الأولى والتي تعتمد عنده على اللقاء بين الذات والآخر. هذا اللقاء يتم من خلال الوجه. فهو يرى أن " الوجه يعبر عن الحضور والظهور، ويحدد هوية الأنا وغيرية الآخر ولا يمکن الاستحواذ عليه، أو اختزاله فى عملية الفهم والإدراک،  کما لا يمکن أن ينظر إليه بإعتباره لفيفًا من السمع و البصر واللمسLevinas,1991a,P194)") وهذا معناه أنه لا يقصد بالوجه ملامح وهيئة الشخص أو کونه قبيحًا أو جميلًا، وإنما يقصد رؤية الکائن بمجمله، فالوجه هو تشخيص للإنسان الآخر ککل، وليس الجانب الجسدي له.إنه الکشف عن غيرية الآخر.
ويعبر الوجه أيضًا عن" الوجه المهمل، والمهمش، الفقير المعدم، الذي يکشفه الوجود، وليس التشکيلي اللدني Plastic Form الذي يمکن أن نحوله إلى صورة ثابتة" Levinas,1987a,P55))  وهذا يعني أن الوجه هو رؤية التعبيرات التي تتجلى عليه. وبناء على ذلک " لا ينظر للوجه بطريقة مجازية Metaphorical، ولکن من ناحية اتيقية Ethical ومتعالية Transcendence وما يعبر عنه لا يتعلق بشخص معين، بل يتعلق بالعلاقة مع الشخص الآخر، بعبارة آخرى الوجه له دلالة اتيقية تؤکد على السمة الروحية للوجود الإنساني" Levinas,2000,P196)). 
ويوضح " ليفينس" أن" الوجه له دلالة ومغزى ولکن دلالة دون سياق signification without context ، وأنه يعني الآخر فى إستقامة وجهه the rectitude of his face وليس سمته ،وهذه الدلالة أو المعنى يجعلنا نهرب من الوجود إلى الاتيقا، فالعلاقة مع الوجه هى علاقة اتيقية، فالوجه مالا يمکن للمرء أو ( الأنا ) قتله، أو تجاهل الکلمة المنقوشة فى وجهه " أنت لا تقتل البتة " أو يقوم بالقتلLevinas,1985,PP86,87)) بمعنى أن "ليفينس" قد يستخدم اتيقا الوجه للفرار من الأنطولوجيا وما تنطوي عليه من مفاهيم لتأکيد غيرية الآخر، حيث يرى أن" الله يتجلى أثره على الوجه ويدعوه لعدم قتل الآخر ورعايته والإهتمام به. 
وهذا الآثر Trace بحد ذاته هو الذي يجعلني مسؤولًا عن الآخر واتحمل کل أخطائه وجرائمه، بل مسؤولًا عن موته،....حيث يستحوذ الآخر على الأنا من خلال تعبيرات وجهه التي ترمز للفقر والضعف والعوز والتي لا يمکن تجاهلها ويطالبني بعدم قتله " Levinas,1991b,PP89,91)) هذا الأثر بمثابة صحوة للأنا للتوجه نحو الآخر والقرب والدنو منه.
واستنادًا إلى ما سبق يمکن القول أن " الوجه في رأي" ليفينس" يتسم بأنه ذو طبيعة متناقضة،إذ يتجلى فيه کل الضعف  من ناحية،  کما يتجلى فيه أيضاً کل الهيمنة والسيادة ناحية آخرى. فهذا الأمر الذى يکشفه أو يعرضه الآخر لي يجعلني اتحمل مسؤوليته ".Levinas,1999,P 105)). لأنه بالرغم من ضعف الوجه وهشاشته يتجلى الله على الوجه فيجعله قوي وله سلطة فيحظر القتل، وهذا ما أکده " ليفينس" بأن" ما يميز الوجه الإنسانى عن وجه الحيوان هو الهشاشة والضعف المطلق الذى يتسم به الوجه الإنسانى وأيضا السلطة والتى تظهر عندما يتجلى الله على وجه الآخر. فالوجه يعبر عن هشاشة الشخص الذى يحتاج إليک ويعتمد عليک ومن هنا تظهر فکرة عدم التناظر. أنا قوى وأنت ضعيف، وأنت السيد وأنا خادمک، فمن خلال تعبيرات الوجه يکون الآخر هو السيد وأنا عبدًا له "Bernasconi &Wood,1988,PP 168,170)). 
وبهذا يکون الوجه هو مصدر الإلزام الاتيقي وليس قوانين العقل والمنطق، لأن الوجه يتجاوز أي مقولات.وهذا ما أکده" ليفينس Levinas" بأن الوجه " يسن ويشرع القوانين وله سيادة على الذات، فتعبيرات الوجه تدعوني للإهتمام والإنتباه للآخر، تدعوني للإستجابة لأوامره "Levinas,1997,P8)). 
أما عن المنهج الذي استخدمه في تحليله للوجه فهو المنهج الفينومينولوجي بإعتماده على القصدية والتوجه نحو الآخر کقصد وهدف کذلک اعتماده على الوصف الفينومينولوجي، وهنا قد نجد تشابه بين الوصف الفينومينولوجي للوجه عند " ليفينس" والوصف الفينومينولوجي لهيدجر في تحليله للوحة فان غوغ  والخاصة بحذاء الفلاحي التي تکشف الفقر المقدد والبؤس
    وجدير بالذکر أن " ليفينس" قد تجاوز الفينومينولوجيا لأنها" بالنسبة له تفشل في تصور اللقاء مع الآخر، لأن ملاحظة ملامح الوجه ولون العين.....لا يشکل أو يؤسس العلاقة الإجتماعية مع الآخر، أو تأکيد غيرية الآخر"  Levinas,1985,P85)) 
أما عن المصادر التي اعتمد عليها " ليفينس" في تصوره للوجه، فيأتي في مقدمتها الکتاب المقدس  فقد استقى منه فکرة الوجه وبنى عليها فلسفته،  بالإضافة إلى اعتماده على بعض المصادر الفلسفية الآخرى.
   يستند" ليفينس"  إلى الکتاب المقدس لتوضيح قداسة الوجه، فنجده يعود إلى سفر التکوين (1: 26 ) وقال الله " نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا کَشَبَهِنَا"، وأيضاً فى التکوين (1: 27 ) "فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَکَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُم"Moore ,N.D,P26))
    وکذلک تأثر " ليفينس" بلقاء موسى مع الله وجهاً – لوجه . فالعلاقة المباشرة مع الله  قد تمت من خلال الوجه والتى وصفها فى سفر الخروج ( 33: 11) وَيُکَلِّمُ الرَّبُّ مُوسَى وَجْهًا لِوَجْهٍ. لکنه بالرغم من ذلک لم ير موسى وجه الله وقد ذُکر ذلک في سفر الخروج أيضًا ( 33: 23) ثُمَّ أُزيحُ يَدي، فتنظُرُ ظَهري. وأما وجهي، فلا تراهُ . أنه لقاء مع الله والذى هو فى ذات الوقت دنو وقرب من الإنسانيةLoughlin,1994,PP21,22)).
ويقر " ليفينس" بأن الکتاب المقدس له عدة مستويات وجوانب اتيقية. منها ما يؤکد على أهمية الآخر، وأنک سوف تکافىء على الأفعال الاتيقية التي تقوم بها تجاهه، کذلک نجد فکرة القداسة فى الکتاب المقدس التي تؤکد على حضور الآخر وضرورة بقاءه . ففى العهد القديم نجد الوصية السادسة " أنت لا تقتل " ويجب أن تحب جارک ، يجب أن تحب الغريب . فروح الکتاب المقدس تهتم بالضعيف ، والإلتزام نحو الآخرBernasconi &Wood,1988,P 173)).
    وعلاوة على ذلک يشير " ليفينس" إلى أن الکتاب المقدس ملىء بالأوامر والوصايا الکتابية التي تؤکد على ضرورة استجابة الأنا لأوامر الأخر، کما أنه يجسد العلاقة الاتيقية بين الأنا والآخر ويؤکد على تحمل المسؤولية اللانهائية عنه، إذ يعلمنا الکتاب المقدس أن الإنسان هو الذي يحب جاره، وحبه لجاره هو الذي يجعل للحياة معنى، کما أن الوصية " أنت لا تقتل" إنما تعني أن نستمع لصوت العدالة الإجتماعية Social Justice وهذا النداء قادمًا من الله، فلا تقتل ليست مجرد قاعدة بسيطة، إنما هى مبدأ للحياة الروحية برمتهاKatz,2003,P12) )
مما سبق يمکن القول أن " ليفينس" قد انغمس في اليهودية والتعاليم اليهودية بشکل کبير لصياغة أفکاره الاتيقية، ولتأکيد قداسة الوجه الإنساني وأهمية الآخر،وهذا يعني أن  اللاهوت لا ينفصل عن الاتيقا عند" ليفينس" .
وبالإضافة لما سبق تأثر" ليفينس Levinas "أيضًا بفلسفة ماکس بيکاردMax Picard  " فيما يتعلق بإهتمامها بالوجه الإنسانى وقدم " ليفينس" مقالًا عن فلسفة الوجه عند" بيکارد" في مؤلفه" أسماء علم" حيث تعد فلسفة الوجه philosophy of the face فکرة جوهرية فى فلسفة " بيکارد" ، فالوجه يعبر عن الشخصية ولکن فى ظهوره ووضوحه، وتجسده، وترحيبه، فالوجه هو سر کل الوضوح والانفتاح والاتصال مع الآخريين،  کما يستخدم "بيکارد" التعبير الکتابى المقدس، "الإنسان مخلوق فى صورة الله "، فوجه الإنسان هو الدليل على وجود الله، کما يقول " بيکارد " إذ أنه يؤکد أن التوحيد الإلهى the monotheistic divine ، يکشف عن نفسه فى هذا التکوين الغريب لخطوط الوجه التى تشکل الوجه الإنسانيLevinas,1996 a,P 95)). وقد نجد هنا اتفاقًا تامًا بين " بيکارد" و"  ليفينس" في التأثر بالکتاب المقدس و التأکيد على ظهور وتجلي الله في الوجه الإنساني وأن الإنسان مخلوق على صورة الله. 
کذلک يرى " بيکارد" "أن الوجه الإنساني يعبر عن الحدود الفاصلة بين الصمت والکلام، أنه الجدار الذي تنبعث منه اللغة، في مثل هذا الوجه، التجارب التي مر بها والتي تکون جميعها محفورة بعمق، فلا يوجد صمت في الوجه، فالکلمة لم تعد مغطاة بالصمت قبل خروجها من الفم: کل الکلمات تکون موجودة في الوجه بشکل صريح" (بيکارد،2018،ص107). 
وهنا نجد اتفاق بين " ليفينس" و" بيکارد" على أن الوجه يتحدث ويخاطب الأنا.هذا الخطاب اتيقي وينقلنا إلى فکرة کيف أن الوجه يحظر ويمنع القتل؟ هذا السؤال يقودنا إلى الفکرة الآخرى وهى علاقة الوجه باللانهائي ( الله)
ثانيًا: الوجه واللانهائي The Face And Infinity:-
يقترن مفهوم الوجه عند " ليفينس Levinas" باللانهائي حيث لا يمکن تناول أحدهما دون الآخر، فتجلي اللانهائي على الوجه هو الذي يجعل له قداسة ويحقق الاتيقا التي تدعو للإستجابة للآخر ورعايته ويحظر القتل، وهو الذي يجعل له سلطة. ولأجل ذلک سوف توضح الباحثة في هذا الجزء، کيف يرتبط الوجه باللانهائي؟ وهل اختلف تصور " ليفينس" لللانهائي عن تصور " ديکارت؟
 يذهب " ليفينس" إلى أن وجه الآخر ينقلنا إلى فکرة اللانهائي والتي تمثل نقطة محورية للاتيقا الميتافيزيقية لديه، فهو يرى أن فکرة اللانهائي تسمو على الذات التي تمتلکها، وأن الوصول إلى هذا اللانهائي يکون من خلال اللقاء الاتيقي مع الشخص الآخر الذي يدعونا وينادي علينا ويستدعينا دائمًا للمضي قدمًا نحو المسؤولية والإلتزام نحوه ، ذلک لأننا نرى أثر الله في الوجه Purcell,2006,P22)).ويمکن القول أن" ليفينس" يستخدم مفهوم اللانهائي ليصف سمو وتعالِ الآخر Height Of The Other ، وذلک لأن اللانهائي يحطم الدائرة المغلقة للکليانية ويتجه نحو الآخرShepherd,2014,P19)) 
وقد استعان"ليفينس" بهذه الفکرة  من ديکارت ليؤکد على عدم اختزال الآخر في النفس، فلقد رفض وجهات النظر التقليدية التي تبدأ بمعرفة الذات والتي من خلالها نستطيع معرفة الأشياء المحيطة بنا. أما بالنسبة له الآخر واللانهائي هم أساس علاقتنا بالأشياء بل أن معرفة الله تکون من خلال الآخر.
کذلک يرى " ليفينس" أن " العلاقة مع اللانهائي ليست مجرد علاقة معرفية أو تأملية وإنما هى رغبة تشبة الرغبة المتيافيزيقية التي لا يتم اشباعها أو ارضائها"Levinas,1985,P92)). وهذا يقودنا إلى توضيح الفرق والاختلاف بين الحاجة والرغبة عند " ليفينس".
ويؤکد " ليفينس Levinas " أن هناک فرق واختلاف بين الحاجة Need والرغبة Desire، فالحاجة حرکة داخلية Interiority وبيولوجية، بينما الرغبة هى علاقة مع السمو Height والخارجي Exteriority وغير قابلة للاختزال إلى النفس والأنا، إنها حرکة خارج المرء، هى شوق لا يشبع، إنها السعى نحو الآخر، کما أن الرغبة وسط بين الفردي Individual والإلهي(Hamblet,2006, P179) Divine.   
    وتنطوي الحاجة على فکرة الإفتقار، أى  الإفتقار إلى شىء أو نقص شىء معين، ويتم إرضائه وإشباعه وتزول متى تم إرضائها، على سبيل المثال الشعور بالجوع أو العطش، فإذا تناول الإنسان الطعام أو شرب الماء زالت الحاجة . (تبدأ من الذات، وتعود أيضاً إلى الذات) فيقول" ليفينس" " يتغذى الإنسان على حاجاته، ويکون سعيد متى أشبع هذه الحاجات"Levinas,1991a,P115)). بينما الرغبة"لا يمکن ارضائها أو اشباعها إذ أنه لا يمکن تلبية أى رغبات تشبه الرغبات الميتافيزيقية تلک الرغبات التي تتجاوز کل ما يمکن ارضائه أو اکتماله ببساطة، مثل الخيرية Goodness، الغيريةAlterity "Ibid,P34))
بناء على ما سبق يمکن القول أن الرغبة تعني التطلع للاتصال بالمتعالي، وتستند على اللقاء مع الآخر،ولا يمکن اشباعها أو ارضاءها، فهى رغبة ميتافيزيقية تتجاوز کل ما يمکن اکماله. وتماثل اللانهائي، بينما الحاجة تضاهي الکليانية أو الشمولية، ذلک لأن الحاجة تمثل تأکيدًا للذاتية لأنها تنبثق من الأنا وتعود إليه وتنطوي على الإستحواذ على الآخر لملىء الفراغ الذي تشعر به، بخلاف الرغبة التي تتجه من الأنا نحو الآخر المطلق. أو تتجه نحو اللانهائي حيث يکون لدى المرء توقًاوشوقًا للاتصال به ويکون ذلک من خلال اللقاء الاتيقي مع الآخر وجهًا لوجه.
يمکن القول أن اللانهائي  عند " ليفينس" يعبر عن العلاقة الإجتماعية التي تتمثل في الوجود الخارجاني على نحو مطلق Absolutely Exterior Being ( أى الوجه) والذي يکشف شکل المقاومة الاتيقية من خلال تعبيراته التي تقاوم استبداد الأنا، حيث يتعرض الآخر لکل أشکال العنف والسيطرة من قبل الأنا، وهو  إما أن يستسلم لکل حيلي وجرائمي نحوه، أو يقاوم کل العنف بکل ما يمتلک من قوة، فالآخر يقدم نفسه لي من خلال الضعف الکلي الذي يتجلى عليه ونظرات عينيه الضعيفة التي يظهر فيها الاستسلام، ولکن ظهور أثر اللانهائي هو الذي يمنعني من السيطرة على الآخرLevinas,1987 a,PP 54,55)). 
وهنا تکمن أهمية اللانهائي عند "ليفينس" في أنه يمنع الهيمنة والسيطرة على الآخر، ويحافظ على حياته بل ويطالب الأنا بتحمل المسؤولية عنه Levinas,1996 b,P 149)).  إذ وجه الآخر يلزم الأنا أن تستجيب لکل أوامره ، حيث ينطوي الوجه على العديد من التعبيرات التي تتجلى عليه، ومن هذه التعبيرات الضعف والعري والفقر والعوز" Levinas,1987 b,PP106,107)). وبناء على ذلک يبقى الآخر متعاٍل بشکل لانهائي وعلاقتي معه لا تکون عنيفة وإنما يسودها السلام  في ضوء هذه الغيرية المطلقة، ولا يسودها الصراع والنزاع، لأن اللانهائي يکون أقوى من القتل، الاستبداد، العنف، فعندما يتجلى اللانهائي على الوجه فأنه يجعل الأنا تستسلم للآخر وتستجيب لأوامره دون أي مقاومة Levinas,1991a,PP199,200)). وهنا تصبح العلاقة بينهما غير متناظرة أوغير متکافئة.
       مما سبق يمکن القول، أن " ليفينس" قد فهم اللانهائي على نحو اتيقي وليس ابستيمولوجي معرفي کما هو الحال عند " ديکارت" فجمع " ليفينس" بين تصور "ديکارت"للانهائي وبين الرغبة نحو الخير المطلق عند " أفلاطون" والکتاب المقدس. ليصف قداسة الوجه والأمر الاتيقي الذي هو أحد الوصايا العشر في اليهودية. حيث يفترض " ليفينس" أن "علاقتي مع الله تظهر في علاقتي مع الآخر، وهذا ليس مجازَا أو استعارة، فهناک حضور حقيقي لله في وجه الآخر، ففي علاقتي مع الآخر اسمع کلمة الله" Levinas,1998a,P110)) وهذا الأمر اقتبسه " ليفينس" من التوراه ولقاء الله مع موسى، ومن سفر" اشعيا58""أن القرب من الله والإخلاص نفسه، هو اخلاص إلى الإنسان الآخر"Anderson,2005,PP108,109)).
وتبعًا ل" ليفينس" فإن"هذا اللانهائي يمکن أن نسميه "الله" أو "الخير الأقصى" أو "الرغبة"، بمعنى أنه لا يظهر لي کشىء معروف، ولکنه يمثل لحظة إلهام- وحي Inspiration تمر على وجه الآخر، فالله لا يمکن معرفته، لکنه هو الذي يجعلني مسؤولًا عن الآخر، فأنا لا أقابل الآخر کمحاور Interlocutor ولکنه دائمًا متخفيًا لأن اللانهائي يتجلى کأثر في وجه الشخص الآخر Trace In The "Face Of The Other Person Spencer,2012,P138)). وبناء على ما سبق يکون اللقاء وجهًا- لوجه  ليس مع الآخر وإنما مع اللانهائي أو الله الذي يأمرني بالإلتزام نحو الآخر والاستجابة لنداءه، فأن تحب الله وأن تحب جارک وجهان لعملة واحدة، فالمرء يمجد الله ويعظمه من خلال حبه للآخر الغريب الفقير الضعيف اليتيمMeir,2010,P350)).
ويختتم " ليفينس" کلامه بأن " اللانهائي أو الله ليس هو إله الأنتوثيولوجي Onto-Theology، وإنما هو بالآحرى الحرکة التي تتجاوز الوجود Beyond Being والتي تتحقق من خلال تجربة الوجه، فالله لا يوجد في الوجود السامي Heigher Being ولکن في العلاقة مع الآخر، بعبارة آخرى، يتم التعبير عن الله من خلال العلاقة الاتيقية "Ethical Relation Levinas,2000,P139))، وهذا لا يعني أنه قد جعل الله على قدم المساواه مع الآخر، ولکنه يجعل الحديث عن الله ممکنًا من خلال الحديث عن الآخر في العلاقة الاتيقية وأن الآخر يسمو على الذات نظرًا لتجلي أثر الله عليه.
ثالثًا:اللقاء الاتيقي بين الأنا والآخر :-
اهتم " ليفينس Levinas" بلقاء الأنا والآخر وجهًا- لوجه، وقد تأثر بمارتن بوبر في تأکيده على أهمية الحوار بين الذات والآخر، هذا اللقاء ينطوي على العديد من المفاهيم والعلاقات التي يجب أن تتضمن فيه حتى يکون لقاء اتيقي يهتم برعاية الآخر واستمراره.
من الممکن أن نطرح عدة تساؤلات لتوضيح هذا اللقاء من خلال طرح بعض التساؤلات منها: هل انفصال Separation الذات عن الآخر انفصال مکاني؟ أم أنه انفصال أنطولوجي يؤکد استقلال وجود کلًا منهما عن الآخر؟،هل المسؤولية عند " ليفينس تعني العبودية " ؟ وهل هى مسؤولية محدودة أم أنها مطلقة ولانهائية؟ ما هى طبيعة العلاقة بين الحرية والمسؤولية؟ ما الفرق بين المسؤولية عند " ليفينس" و"سارتر"؟ وأيهما کان أکثر صوابًا وأقرب للمنطق من الآخر؟ هل الذات في فلسفة " ليفينس" لها هوية أي تتسم بالحرية والاستقلال ؟ وما المقصود بمفهوم الاستعاضة Substitution ؟ ما الفرق بين اللقاء الاتيقي بين الأنا والآخر عند کل من  " ليفينس" و"مارتن بوبر"؟
1- الإنفصال Separation کضرورة للقاء الأنا مع الآخر:
يؤکد " ليفينس" أنه لضمان بقاء أو وجود کلاً من الأنا والآخر ينبغى أن يکون هناک إنفصال بينهما. فهذا الانفصال يمنع حدوث ذوبان لأي منهما، بحيث يظل وجود الآخر وجودًا مستقلًا عن وجود الأنا ولا يتم اختزاله فيه، وهذا يعني أن جوهر التجربة الاتيقية هى العلاقة بين النفس والآخر، وهى ليست علاقة داخل النفس، وإنما هى علاقة تتجاوز الذات أى تکون خارج النفس وتتجه نحو الآخر.
ويرى " ليفينسLevinas " أن هذه الذات المنفصلة ليست مرهونة بالآخر، وإنما هى تنفتح نحوه وتقيم معه لقاء حقيقي Gunning,1990,P53)) حيث تنبع أو تنبثق علاقتى الاتيقية ، من حقيقة أن الذات لا يمکنها البقاء أو العيش بمفردها ، ولا يمکن أن تجد معناها فى الوجود فى العالم دون لقاء الآخر.
وهذا يؤکد أن" الاتيقا تتطلب الإنفصال، وذلک من أجل الشخص الآخر، الذي يکون حرًا عندما يکون منفصلًا عني بعيدًا عن إرادتي الجسدية والعقلية"Levinas,1991b,P53)). " وتستند فکرة الإنفصال  هذه على فکرة الداخلية أو الجوانية "Interiority Levinas1996a,P17)). التي يوضحها " ليفينس" على النحو الآتي.
ولتوضيح مفهوم " الإنفصال"  يستعين " ليفينس" بقصة راعي " ليديا " في محاورة الجمهورية لأفلاطون Plato's Republic، من أجل توضيح معنى الانفصال . فالانفصال هو الأساس الحقيقي للقاء الذات والآخر. حيث في هذه القصة يرمز خاتم جيجس إلى الانفصال،فعندما يرتدي الراعي الخاتم يصبح غير مرئي للعالم ومن ثم يمکنه التصرف سرًا هربًا من أى قوى خارجية تمنعه من القيام بأفعال ما ويکون بالتالي منفصلًا عن الخارج Gunning,1990,P53)).
 ويؤکد " ليفينس Levinas " أنه لا يقصد الانفصال المکاني أو الجسدي، وإنما يقصد به الاختلاف بيني وبين جاري، کما أن هذا الاختلاف لايفهم من ناحية العرق أو الجنس، أو أنه يتعلق بالنوع الإحتماعي، ولکنه  انفصالًا حقيقيًا يضمن غيرية الآخر الذي يشارکني الحياة Atterton&Calarco,2005,P24)). کما أنه" يمثل نبذ للکليانية وتأکيد التمييز بين الوجود والموجودات، وبين الذات والآخر، أو بين الداخلي والخارجي"Levinas,2000,P146)). کما أنه يمنع استحواذ الأنا على الآخر، أويمنع حدوث ذوبان وانصهار بينهماPeperzak),1993,P22) ).
ويرمز هذا الإنفصال بين النفس والآخر عند " ليفينس"أيضًا إلى التعالي Transcendence والسمو Height، والذي بدوره يجعل الآخر في مکانة أسمى من الأنا، وينتج عن هذا الانفصال تأکيد فکرة العلاقة غير متناظرة أو المتکافئة بين الأنا والآخرPeperzak,1995,P27)) وبناء على ذلک يکون "الإنفصال خطوة حاسمة لتأسيس علاقة واقعية اتيقية وليست علاقة تمثيلية بين الأنا والآخر، فهو يمکننا من إدراک جوهر الذات  فضلًا عن تحمل مسؤوليتها تجاه الآخر" (Park,2006,P158).
مما سبق يمکن القول، أنه على الرغم من سعي " ليفينس" المستمر إلى تجاوز الوجود والأنطولوجيا والتوجه إلى ما وراء هذا الوجود وتأکيد الاتيقا إلا أنه لم يتحرر من المفاهيم الوجودية، فمفهوم الانفصال هو في الأساس مفهوم أنطولوجي وليس اتيقيًا ومع ذلک فقد اضفى " ليفينس" عليه بعدًا اتيقيًا ليؤکد على استقلال وجود الآخر.
2- المسؤولية اللانهائية نحو الآخر Infinite Responsibility For The Other:-
بعد تأکيد وجود الآخر وأنه وجود حقيقي وأصيل، يتعين على الذات التخلي عن أنانيتها والتوجه نحو الآخر ورعايته وتحمل المسؤولية إزاءه. فتبعاً لعلاقة وجهاً لوجه نجد الآخر يطالب الذات بالإستجابة لنداءه من خلال ما يتجلى على وجهه من تعبيرات، فلغة الوجه لا تتمثل فى مجرد تحريم فعل القتل وإنما تتمثل في  تقديم يد العون والمساعدة له.
يقول " ليفينس" " تلک النظرة تتوسل إلى وتطالبنى بالإستجابة له ولا يمکن الهروب من هذه المسئولية  فهو الضعيف ،الفقير، الجائع ، ومن ثم على الإستجابة له"Levinas,1991a,P75))
ووفقًا ل"ليفينس" عن الآخر تنبثق من تعبيرات وجه الآخر، ومن الوصية التى تتجلى على وجه " أنت لا تقتل "ومن ثم ينبغي على الإنصياع له وعدم التنصل من هذه المسؤولية، حيث  أنني اسمع کلمة الله فى وجه الآخر، إذ أننى ألتقي الآخر من خلال الوجه، وهذا اللقاء يتجاوز الابستمولوجيا والمنطق، ويقترب من" الاتيقا".
ولکي يدعم " ليفينس" آراءه حول المسؤولية يعود إلى التقاليد اليهودية والعبرية، إذ أنه يذهب إلى أن الأصل الإشتقاقى لکلاً من المسئولية Ahariout والآخر Aher واحد، ويستعين بما ورد في التوراه Torah عن المسؤولية. فعندما نقرأ قصة ( قابيل و هابيل Cain and Abel ) فإننا نفهم أن المسؤولية لا تعني الحرية ، فالله يسأل قابيل أين أخوک ؟ (التکوين 4:8)، وهذا معناه أن قابيل مسؤول عن مصير أخيه، حتى إذا کان يريد الفرار من هذه المسؤولية، فالمرء مسؤول عن أخيه وعن جاره Peperzak,1995,PP19,20)). ويتضح هذا المعنى أنه حينما سُئل قابيل أين أخوک، کانت اجابته هل أنا حارس أخي، ... لا يجب نأخذ اجابة " قابيل" کما لو کانت سخرية من الله. أو لو کان طفل صغير، ليس أنا أنه الآخر، ويعد جواب قابيل صادق إلى حد ما (Levinas,1998a,P110).
 
 
کذلک يعود " ليفينس" إلى عالم التلمود الليتواني " حاييم Haim" الذي طور مبدأ المسؤولية نحو الآخر، والتي أثرت بشکل کبير عليه، فتبعًا ل " حاييم" الکون قد خلق لنا، وعلينا أن نحافظ على بقاء وإستمرار الوجود من خلال المسؤولية نحو الآخر، فالعدالة الإلهية تفرض علينا المسؤولية عن کل الآخرين، لأن الخوف من الله إنما هو الخوف على الآخر، کذلک انبثق مفهوم المسؤولية عنده من الوجه Levinas,1994a,P 157) ).
ويوضح " ليفينس Levinas" أن "هذه المسؤولية الشخصية نحو الآخر يؤکدها الله من خلال الحوار الذي دار بينه وبين قابيل ( هل أنا حارس أخي )، إذ يکشف الله للقاتل أن جريمته أزعجت النظام الطبيعي، لذلک يضع الکتاب المقدس کلمة الطاعة والخضوع للآخر والمسؤولية التي ألقاها على عاتق قابيل نحو أخيه" Levinas,1997,P 20))
 يؤکد الحکماء في التلمود،" أن المسؤولية تتجاوز الحرية، ففي تعليقاتهم على إحدى أيات الکتاب المقدس" يسقطون واحدًا تلو الآخر" (لاويين: 37: 26) ويشرحون أن هذا السقوط ناتج عن الشعور بالذنب نحو أخيه، وهذا يعلمنا أن الشعور بالمسؤولية نحو الآخر" Peperzak,1995,P21)) وأننا يجب أن نعيش کأخوة مع بعضنا البعض Levinas,1994b,P111)). ويستعين" ليفينس Levinas" بما ورد في سفر أشعياء( 58:7) "عليک أن تشارک خبزک مع الجياع، وأن تجعل بيتک مأوى للمتشردين، وللفقراء، وأن تکسو العرايا"Levinas,1991b,P75)).
کل هذه النصوص السابقة توضح مدى تأثر " ليفينس" بالتقاليد اليهودية، في مسألة المسؤولية عن الآخر. 
ويؤکد " ليفينس" أن "المسؤولية أمر جوهري، وأنها غير قابلة للإختزال، فلا يمکن التخلي عنها، إذ أنها أمر مصدق وتسبق وجود الشخص الآخر"(Levinas,1999,PP XIII,5) ، بل أنها" تسبق الوعي القصدي، وتسبق أي عقد أو اتفاق،وأنها توجد في الهيکل ما قبل الأنطولوجي Pre-Ontological، وقبل الهيکل الأساسي للغيرية"Levinas,2003,P52)).
کما يشير" ليفينس" أيضًا إلى أن" مسؤوليتي نحو الآخر هى التي تحدد هويتي کأنا أو کذات، وهذه المسؤولية تنبثق من التعالي واللانهائي، وتکمن في القرب من الآخر دون أى هدف. فالمسؤولية هى الاتيقا، إذ أنها ترتبط بالآخر ولا تنطوي على أية مقولات انطولوجية کأساس لها"Levinas,2000,PP 110,195)) فالمسؤولية هى قدر محتوم، فالإنسان مخول بممارسة المسؤولية حتى إذا کان لا يريد ذلک، فهو مسؤول ولا يمکنه أن يتنصل من هذه المسؤولية کأنه مفطور عليهاLevinas,1997,P20)).
 
فأن أکون مسؤولًا  عند " ليفينس" "إنما يعني أن أکون رهينة للآخر"Levinas1996a,P88)) أي أن الذات تکون رهينة hostage  للآخر، فکلمة "الأنا" تعنى أننى هنا here I am،أي أنني استجيب لکل شىء لکل شخص. فالمسؤولية هنا ليست مسؤولية الأنا عن الأنا أو الذات عن نفسها ولکنها مسؤولية الأنا أو الذات عن الآخريين، فأنا موجود عن طريق الآخر ولأجله "  Levinas,1991b,P114)).
وهنا " تصبح المسؤولية عن الآخر أو الجار أمرًا حتميًا وضروريًا، يتردد صداها في نفس الأنا ومن ثم تجرده من أنانيته، ويتحول ضعف الآخر وهشاشته إلى قوة وهيمنة على الأنا، فحياة الأنا مکرسة للآخرين، ومن ثم لا يمکنها التخلي عنهم،وإنما تکون مکرسة لخدمة الآخر" (Ibid,PP15,105) " فجميع الرجال مسئولون عن الآخريين، وأنا أکثر من الآخريين.فهذه الصيغة الغير متناظرة  قد اقتبستها" ليفينس" من " دوستوفيسکى"، کذلک الله يطالبنى بأن أکون مسئولاً عن الآخر، وهذه المسئولية لا يمکن التنصل منها" Levinas,1998a,PP 107,108)). لأن استحواذ Obsession الآخر على الأنا، هو سمة من سمات المسؤولية التي لا ينبثق من الحرية، وإلا سيکون الاستحواذ مجرد وعي في حين أن المسؤولية عن الآخر تتجاوز الوعي Levinas,1987a,P 88)).
نخلص مما سبق: أن المسؤولية عند " ليفينس" مطلقة وغير مشروطة، وهى مسؤولية من الذات تجاه الآخر، أي أنها تقع على عاتق الذات دون الآخر، کما أنها تسبق الوعي والحرية، بل تسبق جوهر الذات، والذات لا تملک أي اختيار في أن تقبل أو ترفض نداء الوجه، إذ يتعين عليها أن تستجيب له مباشرة وتتخلى عن أنانيتها. وفي حقيقة الأمر قد تؤدي آراء" ليفينس" عن المسؤولية إلى الشعور بالذنب المرضي، لأن المرء هنا يتحمل مسؤولية ما لا يفعله، وعندما يکون رهينة للآخر، يکون مسؤولًا عن کل جرائمه. ومن الخطأ أن يلغي " ليفينس" هوية الذات واستقلالها الذاتي من أجل الآخر، وأن الآخر هو الذي يحدد هوية الأنا.وهذا معناه أن الذات سوف تکون مضطهدة، لأنها لا يمکن أن تتجنب سيادة الآخر عليها کما أنها لا تستطيع الفرار من مسؤوليتها نحوه. وهذا يتعارض مع جوهر الدين الإسلامي الذي  ينص على أن الإنسان حر ومسؤول فقط عن أفعاله. 
کذلک تتعارض وجهة نظر" ليفينس" مع آراء المعتزلة و إبيلارد فاالعدل الإلهي يفترض أن يکون الإنسان مسؤولًا عن أفعاله ويحاسب عليها سواء کانت أفعال خيرة فيثاب عليها أو أفعال شريرة يعاقب عليها، فالمسؤولية ينبغي أن تقترن بالحرية. کذلک من الضروري تضييق هذه الغيرية اللانهائية للآخر حتى يستقيم معنى الإلتزام والمسؤولية نحو الآخر بحيث تکون مسؤولية متماثلة ومتناظرة بأن يکون الآخر أيضًا مسؤولًا عن الذات. کذلک لم يحدد لنا " ليفينس" من هو الآخر الذي يستحق أن نضحي من أجله،  هل الآخر الإنساني أم الآخر اليهودي، علمًا بأن اليهود قد عن مبادئهم، فهو يدعي أن التقليد اليهودي يدعو إلى المسؤولية عن الآخر والجار، ولکن  التساؤل الذي يفرض نفسه هنا هو هل إلتزم اليهود بهذه التعاليم أم أنهم خرجوا عنها وکانوا أکثر شعوب الأرض انتهاکًا لُحرمة الآخر وقتله وتعذيبه، أليس الفلسطيني آخر، ألا يستحق أن نتحمل المسؤولية عنه؟ ألا يستحق أن نضحي من أجله بوصفه آخر أيضًا؟!!.
 ولا يخفى على قارىء" ليفينس" غياب حرية الاختيار أثناء تناول " ليفينس" للمسؤولية، ومن ثم فالذات مستعبدة لخدمة الآخر، أنها عبودية  واستبداد وليست مسؤولية .
هذا الأمر يقودنا إلى " جان بول سارتر" المفکر الوجودي الفرنسي أيضًا الذي " " يربط  بين الحرية والمسئولية، فلا حرية  في رأي سارتر بلا مسؤولية، ولا مسؤولية بلا حرية، ونطاق المسؤولية عنده يتسع حتى ليشمل کل ما يحدث فى العالم، فأنا مسؤول عن الحرب العالمية الآخيرة لأننى عشتها، ومادمت قد عشتها فقد إخترتها. والمسؤولية هنا هى مسؤولية الموقف الذى اصطنعه من الأحداث الجارية التى تقع أثناء حياتى ، فأنا أصبح مسؤولاً مثلاً عن الإحتلال البريطانى إذا رضيت به ورضخت له، ولکنى لست مسؤولاً عنه حينما أناهضه وأدعو لانهائه" (کامل، د.ت،ص49)
لقد قال" سارتر"" إن الإنسان قد حُکم عليه بأن يکون حُراً يحمل ثقل العالم کله على کتفيه، وأنه مسئول عن العالم وعن نفسه، وبهذا يکون مسئولاً من الناحية الطبيعية وليس مسئولاً من الناحية الأخلاقية"(سارتر،1965،ص45).
کما يشير"سارتر" إلى" أن الحرية ليست صفة مضافة أو خاصية من خصائص طبيعتي، أنها نسيج وجودي،.... فإني محکوم على أن أکون حُرًا، وهذا يعني أنه لا يمکن أن يوجد لحريتي حدود آخرى غير ذاتها، نحن لسنا أحرارًا في الکف عن أن نکون أحرارًا"(سارتر،1966، ص703) بخلاف" ليفينس"  الذي يرى أن الحرية لا تأتي في المقام الأول، إذ أن الذات مسؤولة قبل أن تکون حُرة، فالحرية هي الخضوع للآخرLevinas,2000,P181)). 
3-الخضوع والتبعية للآخر و المبادلة And Substitution   Heteronomy:-
ارتبط مفهوم الخضوع للآخر والمبادلة، بفکرة المسؤولية نحو الآخر والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالوجه. فلقد اتسمت المسؤولية بالخضوع المطلق للآخر، وهذا الخضوع هو الذي يحدد هوية الذات، فالذات توجد کأساس للأفعال الاتيقية تجاه الآخر. يقول " ليفينس" مؤکدًا هذا المعنى بأن " الذات يتحدد معناها بدءًا من علاقتها بالآخر وضرورة الإلتزام نحوه"Robbins,2001,P 64)).
ووفقًا ل" ليفينس Levinas" يعد وجودي کذات فردية رهينة للآخر Hostage Of The Other أثناء علاقتي معه، فالذات لا تأتي إلى حيز الوجود إلا من خلال علاقة وجهًا- لوجه والخضوع للآخر Levinas,1991b,P158)). بناء على ذلک" توسم الذاتية بالخضوع والتبعية للآخر، فالعلاقة الاتيقية الإنسانية ليست مستقلة ولکنها علاقة خضوع للآخر، تسودها المسؤولية والاستجابة للآخر، ومن ثم فهو يرى أن مبدأ الخضوع أقوى من الاستقلال الذاتي"Levinas,1998a,P111)). حيث أن أساس الاتيقا Ethique  عند" ليفينس" هو الاستجابة إلى الآخر، وتحمل المسؤولية عنه، بخلاف کانط Kant الذي يذهب إلى أن الاستقلال الذاتي Autonomy هو أساس الأخلاق Morality Skempton,2013,P217)). لأجل ذلک يؤکد" ليفينس" مبدأ الخضوع للآخر، ويرفض مبدأ الاستقلال الذاتي Autonomy المتأصل في الحرية والهوية، لأن الاستقلال الذاتي يستند على فکرة الحرية التي تختزل بدورها الآخر في النفس"Levinas,1987a,P58)).
وبذلک يکون الخضوع والتبعية للآخر Heteronomy  هو الدافع الحقيقي وراء الفعل الاتيقي، والذي يتمثل في الرغبة في تحقيق سعادة الشخص الآخر،حيث تکون الرغبة الميتافيزيقية( اللانهائي) هى المحرک للفعل وليس الواجب المحض Pure Duty Skempton,2013,P218,219)).
مما سبق يمکن القول، أن " ليفينس" يرفض الذاتية الأنطولوجية التي تؤکد استقلالية الذات ، ويقدم بدلًا منها الذاتية الاتيقية التي تُمنح فيها الذات هويتها من خلال الخضوع للآخر وتحمل المسؤولية اللانهائية نحوه، وهو بذلک يخالف التقاليد الفلسفية الغربية التي في وقت ما، تدعو إلى الاستقلال الذاتي Autonomy، مثل کانط الذي رأى أن الذات تتحقق ذاتيتها من خلال الاستقلال الذاتي الذي ينطوي على حرية الإرادة. 
فعلى سبيل المثال قد أکد " کانط Kant "على الاستقلال الذاتي Autonomy والذي کان يعبر عنده عن الاختيار الأخلاقي الصارم وهذا يعني قدرة الذات على صياغة القانون، والتحرر من أى قواعد معينة حيث أنها تتصرف وفقًا لقاعدة تمنحها لنفسها Ibid,PP218,219)) فالاستقلال الذاتي هنا هو محور هام لأجل وصف القانون الأخلاقي Moral Law، إذ أنه يمثل شرطًا للقانون الأخلاقي وتأکيدًا لحرية الاختيار، فالذات هى التي تعطي معنى للقانون Cates,2002,P495))
بناء على ما سبق، نجد أن " ليفينس"  بخلاف "کانط" يسلب هوية الذات وفرديتها من أجل تأکيد الغيرية المطلقة للآخر، بأن تکون رهينة للآخر وتخضع له، فالذاتية هى الخضوع، فلا وجود حقيقي للذات، بخلاف الذات عند کانط التي تعد المشرع الحقيقي للقيم والمبادىء الأخلاقية. کما أن فلسفة " ليفينس" تدعو للعبودية وليس فيها حرية أو اختيار حقيقي للذات في أن تتحمل المسؤولية عن الآخر أم تتنصل منها.
ويقترن مفهوم الخضوع Heternomy للآخر  عند " ليفينس" أيضًا بمفهوم المبادلة Substitution والتي تعني أن أکون بديلًا عن الآخر، الذي يجب أن أقدم له الطعام والکساء، وتحمل المسؤولية اللانهائية عنهLevinas,1996a,P6)) . کما تستلزم المبادلة  Substitutionعند " ليفينس"" القرب من الآخر، وأن أضع فکرة الغيرية في النفس، أو أن أضع ذاتي في محل الآخر"Levinas,1998b,P32)) أنها" الخضوع المطلق للآخر، وتحمل المسؤولية عنه، وکأن الأنا أن تقدم نفسها هدية للآخر" Levinas,1991b,P195)).
وبناء على ذلک تکون" الذات الليفينسية مضيفة Host ورهينة Hostage للآخر في آن واحد، فهى مضيفة بمعنى الترحيب بالآخر کشرط أساسي للاتيقا، وهى رهينة من حيث فکرة اللانهائي التي تجعل الذات تستجيب للآخر وتتحمل المسؤولية عنه، وفي المبادلة يتم تحرر الذات من نفسها، فالذات رهينة ومحتجزة ومضطهدة والآخر هو الذي يحررها من ذلک حين يربطها بالخير وتتحول من ذات مستحوذ عليها إلى ذات مضيفة" Keki,2014,P88)) .
ويدعي  "ليفينس" أن المبادلة لا تلغي فردانية الأنا وخصوصيته، بل أنها تؤکد فردانية کلًا من الأنا والآخرLevinas,2000,p193)) وأن المبادلة والخضوع للآخر هما الاتيقا نفسها والتي هى ليست عبودية، ولکنها خدمة وطاعة لله من خلال المسؤولية نحو الجار الذي لا يمکن الاستغناء عنهLevinas,1993,P35) ).
استنادًا لما سبق نستطيع القول أنه لا يوجد لقاء حقيقي بين الأنا والآخر عند " ليفينس"،بل يوجد فقط عنفًا واضطهاد ضد الذات،  ذلک أن کثرة نداءات الآخر للذات قد تولد نوعًا من الطغيان والاستبداد ضد الذات. يبدو أن " ليفينس" أراد أن يتحرر من مرکزية وهيمنة الذات في الفلسفة الغربية فوقع في مرکزية وهيمنة واستحواذ الآخر على الذات، لکنه فشل في خلق حوار ولقاء حقيقي بينهما، فهما ليسوا على قدم المساواه معًا، فهناک السيد وهو الآخر، والعبد هو الذات. وهو بذلک يؤکد على العلاقة الغير متناظرة أو عدم المعاملة بالمثل بين الذات والآخر، وهذا بخلاف الفلاسفة الوجوديين الذي أکدوا على أن  العلاقة بين الذات والآخر  متماثلة مثل مارتن بوبر. کما سيتضح في السطور القادمة. 
4- العلاقة غير المتناظرة Asymmetry بين الأنا والآخر:-
لقد سلک کلاً من" بوبرBuber "و" ليفينس Levinas" طريقاً واحداً تمثل فى تجاوز الهدف الرئيسي للفلسفة منذ أفلاطون إلى هيدجر وهو (التساؤل عن الوجود والأنطولوجيا ) والإنصراف نحو الآخر ودراسة العلاقة مع الآخر ومسألة الغيرية وکليهما يتفق على أن أى محاولة لإختزال الآخر تعد تدميرًا للمسافة بين الذات والآخر وبالتالي تدميرًا للغيرية . کذلک کلاهما يؤکد على أن الاتيقا تعتمد على لقاء الأنا والآخر،وليس على مبادىء القصدية الهوسيرلية، ويرکزان على الإعتراف بالتعالي کجوهر حقيقى للعلاقة الاتيقية، فکليهما يشرح العلاقة الاتيقية الحقة کنوع من الشوق والتطلع نحو الآخر، والذي هو إعادة توجيه للذات.
کذلک انبثقت أفکارهما ( بوبر، ليفينس) " من المصادر الدينية لاسيما اليهودية والعبرية، حيث يحاولان احياء الحياة الدينية والتعمق فيها من خلال اهتمامهم بفکرة التعالي، کذلک يرفض کلاً منهما العلاقة أحادية الجانب التى تعتمد على المعرفة فقط،  کذلک کلا منهما حاولا الإبتعاد عن الواقعية والمثالية التى تفرط فى الإهتمام والترکيز على المعرفة الموضوعية أو المفاهيم ، واهتم کلاهما بالعلاقة مع الآخر والاتيقا ومسئولية الأنا عن الآخر" (Atterton& Calarco& Friedman,2004,PP37,38).
لقد ذهب " بوبر" إلى " أننى عندما أتحدث عن علاقة (أنا – هو ) فأنا أقصد ما يواجهني أو يقابلني کشىء – هو، وعلى النقيض من ذلک عندما أقول ( أنا – أنت ) فإنني لا انظر أو اعتبر الآخر مجرد شىء، وإنما أقصد ( علاقتي مع الآخر الإنساني)" Buber,1970,P55)). وتتميز علاقة ( أنا- أنت) بأنها علاقة مباشرة، حيث تخاطب الأنا الأنت دون أى تدخل أو وساطة من طرف ثالث، فعلاقتي  تکون اتيقية معه في المقام الأول، وليست علاقة ابستيمولوجية تعتمد على تراکم الحقائق والمفاهيم والمعارف Stolle,2001,P19)) ومن هنا تبدأ الاتيقا التي تعتمد على الإنفتاح نحو الآخريين وضرورة أن يکون الأنا مسؤولاً عن الآخر، فالشخص الآخر أو ( الأنت ) يقاوم أى محاولة لاختزاله فى أى شىء. کما أنه ( أى الأنت ) يقابلنى فى العلاقة ويطالبنى بالإعتراف بغيريته وفردانيتهStanislaw,1993,P122) ).
ويوضح" بوبر"أيضًا أن علاقة ( أنا – أنت ) هى علاقة مباشرة وتبادلية، أي إنفتاح نحو الآخر وقبول وإعتراف بغيريته ، وبأنه لا يمکن إختزاله إلى الأنا أو إلى تجربتى الخاصة، فالآخر أمر ضرورى ومميز فى فلسفة " بوبر" وهو الذى يجعل الحوار ممکناً ، فالإنسان لا يکون إنساناً حقيقياً إلا بالحوار مع الآخر. فالمسئولية عنده  تعنى الإستجابة للآخر. Atterton et al ,2004,PP6,7)).
 
ولقد اتفق " ليفينس" مع " بوبر" في فهمه" للعلاقة مع الآخر کحوار Dialogue أو کنوع من المحادثة Conversation بين الأنا والآخر، فالتعبير الذي يتجلى على الوجه هو بمثابة اتصال يعلن فيه الآخر عن نفسه، وفي هذا الحوار يکون الآخر قادرًا على تقديم نفسه لي، کما أننا لا ندرک وجودنا إلا من خلال لقاءنا مع الآخر، الذي لا يمکن اختزاله إلى المعرفة Laforge,2008,P8)). 
کذلک اتفق أيضًا" ليفينس" مع " بوبر" على أن العلاقة بين الأنا والآخر تعتبر علاقة مباشرة  أي تتم دون وساطة تقوم على المواجهة بينهما Goudge,2009,P20)). هذا عن نقاط الاتفاق بينهما والتي تتلخص في التأکيد على الاهتمام بالآخر الإنساني والعلاقة الاتيقية بينهم. وعلى الرغم من تأثر" ليفينس" ب" بوبر" نجده قدم له العديد من الانتقادات والتي تتلخص في:
     - أن" بوبر" يشير إلى مفهوم أو تصور( الأنا-أنت ) ليس کصداقة friendship، ولکن کزمالة أو مصاحبة comradeship، ففي الصداقة يمکنني أن أقترب من الآخر متخلياً عن حاجتي الأنانية، بينما فى الزمالة أقترب من الآخر من أجل العلاقة نفسها، کما أن العلاقة بين ( الأنا – الأنت ) ليست شکلاً من أشکال المشارکة والتعايش والتفاعل کما هى عند " ليفينس" وإنما هى مجرد  مقابلة أو لقاء meeting ذلک لأن الحوار يحدث بين اثنين کلاهما يعيشان معاً Buber,1998,P75)).
- يرفض " ليفينس" العلاقة المتماثلة ( المعاملة بالمثل بين الأنا والآخر) بخلاف" بوبر" الذي أکد على أن علاقة ( أنا – أنت )  هى علاقة إجتماعية تحدث فى المجتمع وتفترض أن يکون کلاً من الأنا والآخر على قدم المساواة فأنا آخر بالنسبة للأنا، والأنا آخر بالنسبة لي، فيرفض " ليفينس"" ذلک لأن العلاقة بين الأنا والآخر عنده " علاقة غير متماثلة أو متکافئة " لأنها تکون بين الأنا القوى المستبد والآخر الضعيف الفقير، فيظهر الآخر کشخص مدين لي يدعوني لتحمل المسؤولية نحوه، ومن ثم هناک تفاوت جذري بين الأنا والآخر، فالعلاقة مع الآخر تستند على الأمر الذى اسمعه فى وجهه والذى يأمرنى بالانصياع له"Levinas,1999,P101)). فالآخر الإنسانى بما هو آخر، هو الفقير والضعيف واليتيم ، وأنا الغنى القوىLevinas,1987b,P83))، وبهذا المعنى أن مسئول عن الآخر دون أن انتظر منه أى معاملة بالمثل waiting for reciprocity" Levinas,1985,P98)).
- کذلک يؤکد " ليفينس" الآخر يأتى إلى من بعد التعالي أو السمو a dimension of height "، ومن ثم فإن " ليفينس" يبدي قلقه وخوفه من علاقة ( أنا-أنت ) عند " بوبر "التى تختزل التعالِ والسمو الذى يأتي من الله إلينا، وبالتالى يجعل الله على قدم المساواة معنا کشريک أو صديق ( Atterton et al,2004,P226). وهو يؤکد، خلافًا لبوبر على علو وسمو الآخ
نظرًا لتجلي الله على وجه الآخر، بينما " بوبر" في اعتقاد " ليفينس" قد اختزل التعالي والسمو بأنه جعل الأنا والأنت على قدم المساواه .
في ضوء ما سبق يمکن القول أن هناک تشابه قوي بين تصور " بوبر" لعلاقة ( أنا- أنت) وبين اهتمام  "ليفينس" بالآخر الإنساني، هذا الاهتمام ناتج عن أزمة أوربا في ظل الحربين العالميتين وماشهدته من انتهاک لحقوق الإنسان وتأکيد مرکزية الذات وتحول الآخر لمجرد أداة أو ترس، علاوة على ما حدث لليهود في هذه الفترة من قتل وإبادة، فإستجاب کلًا منهما لهذه الأزمة وانصب اهتمامهم بالموجود الإنساني والحوار معه ،والتأکيد على الجانب الاتيقي والإجتماعي للدين. التأکيد على وجود الآخر( اليهودي) فحسب وتحمل المسؤولية عنه وعدم الإستحواذ عليه.
وفي حقيقة الأمر يمکن القول أن هناک فلسفة للحوار عند "مارتن بوبر" بين الأنا والأنت حيث يخاطب کلًا منهما الآخر وکليهما على قدم المساواه ، بخلاف " ايمانويل ليفينس" ليس هناک في فلسفته حوار بين الأنا والآخر، حيث أن الآخر دائمًا يأمر ويطلب من الأنا ، والأنا متلقي سلبي ينبغي أن تستجيب لکل أوامره ولا تتجاهل نداء الآخر، ولأجل ذلک قد تکون فلسفة " مارتن بوبر" أکثر واقعية  من فلسفة " ليفينس" الذي يقضي على هوية الذات ويجعلها مسلوبة الحقوق.
رابعًا: الموت من أجل الآخر Dying For The Other:-
يذهب " ليفينس" إلى أن التقاليد الفلسفية والدينية تفسر الموت على نحوين، إما" کمدخل إلى العدم، أو کنهج وطريقة جديدة إلى الوجود،إلا أنه يرى أن الموت هو استحالة لکل إمکانيةThe Impossibility Of The Possibility ، وموجود في قلب الغيرية Alterity، بمعنى أنه مرتبط بها ارتباطًا وثيقًا" Levinas,1999,P235)) فالحياة الاجتماعية والموت يشترکان في تجربة اللقاء مع الآخرLevinas,1987b,P70))
يقدم " ليفينس" نقدًا عنيفًا لتصور الموت عند " هيدجر" والذي هو مفهوم رئيسي عنده في فهم الوجود الإنساني، إذ يضفي على تصور الموت عمقًا انطولوجيًا، نظرًا لأنه مشکلة تخص الوجود نفسه، کما رأى أن الوجود هو وجود نحو الموت وذلک لأن الإنسان کائن متناه. بمعنى أن الموت لا ينفصل عن الإنسان، فهو الإمکانية القصوى للإنسان والتي تتضمن کل الإمکانيات الآخرى، وبالتالي لا ينظر إليه ميتافيزيقيًا کحقيقة موضوعية يمکن ملاحظتها،وانما ينظر إليه فينومينولوجيًا کشىء جلى وواضحDemske,1970,P6) ).
ويعرف " ليفينس" " الموت بأنه توقف السلوک، وتوقف الحرکات التعبيرية والحرکات الفيزيولوجية، أو العمليات الموکلة بالحرکات التعبيرية الظاهرة والخفية...... فالموت هو الفجوة التي لا يمکن علاجها حيث تفقد کل الحرکات البيولوجية کل تبعيتها في العلاقة بالتعبير أو المعنى، فالموت هو التحلل وعدم الإستجابة، فالشخص الذي يموت يصبح وجهه مجرد قناع  Masque حيث تختفي تعبيراته، فتجربة الموت ليس موتي أنا، وإنما هو تجربة موت الشخص الآخر الذي يتجاوز العمليات البيولوجية منذ البداية، والذي يرتبط معي کشخص،..... فموت الآخر يؤثر في هويتي الشخصية کمسؤول عني "Levinas,2000,PP11,12) ).
يقول" ليفينس" "أثناء لقائي مع الآخر، فأنا أرى موت الآخر في وجهه، ولکني لا أرى موتي أنا، فالعلاقة مع الوجه هى علاقة مباشرة مع موت الآخر، فموت الآخر له الأولوية على الأنا وحياته، فأنا لا اتحدث عن الموت المبتذل العادي، بل اتحدث عن المرء الذي من الممکن أن يموت من أجل الآخر" Levinas,1999,P163)) فالموت يمکن أن نراه کمثال أو نموذج لعلاقة المرء مع الآخرين، فالعلاقة مع الموت مماثلة للعلاقة مع الآخر والتي هى علاقة مع شىء مجهول، وغير قابل للإدراک وغامضة، إنها علاقة مع من لا يأتي من داخله، ولکن مع الخارجي على نحو مطلق Absolutely Exterior
Cohen,1994,P150)). أي الوجه، فالوجه يوقظ الذات للاهتمام بموت الآخر حيث ينبغي على الذات أن تکون مسؤولة عن الآخر ورعايته وعدم ترکه يموت وحده.
ويؤکد" ليفينس" أن " الموت هو موت الأشخاص الآخرين، بخلاف اتجاه الفلسفة المعاصرة التى ترکز على الموت الإنفرادي أى موت الفرد نفسه"Levinas,1996b,P103))، وهو بذلک يرفض تصور " هيدجر" الذي يرى أن الموت " هو إمکانية خاصة للفرد لا يمکن تجاوزها، فالدازين يمکن أن يموت فقط من أجل نفسه لا من أجل شخص آخر، فالموت هو موتي أنا" Wyschogrod,1974,P108))
وبهذا يعبر" الموت  عند " هيدجر" عن أقصى درجات الفردانية والخصوصية، فليس هناک أکثر من موت الفرد أو المرء ذاته، فالذات الإنسانية تتميز بالفردانية Individuated،وهى ذات حقة Authentic، وأصيلة Genuine، فالوجود هو وجود نحو الموت Being Toward Death، فما من أحد يمکنه أن ينوب عن الآخر،أو يحمل عنه موته، فالموت أساسًا  هو موتي أنا "  Heidegger,1996,pp285,294))
کما يرى" هيدجر"أيضًا أن الموت هو إمکانية الاستحالة المطلقة للدازين Possibility Of The Absolute Impossibility Of Dasein  Large,2008,P74)) فالوجود الأصيل يکمن في مواجهة الموت، ففي وجودنا نحو الموت يکمن وجودنا الفردي الخاصLoughin,1994,P 20)) . کما "ينطوي الموت  عند " هيدجر" على قطع جميع العلاقات مع الآخرين، فهو إمکانية خاصة، فلا يمکن أن يکون إمکانية الوجود مع الآخر Possibility Of Being With- One Another، ففي الواقع أنا أموت بمفردي، أو في المنزل المحفوف بالآخرين، إلا أنني في الموت أموت وحدي أو بمفردي، ومن ثم کانت دعوة " هيدجر" التي تقول أن الموت غير علائقي" Non- Relational  Gorner,2007,P124)).
في الواقع  يعتبر تحليل " هيدجر" للموت هو تحليلًا أنطولوجيًا نظرًا لأنه ينظر للموت بإعتباره شرط لإمکانية کل التفسيرات الآخرى، فالموت هو الوجود نحو الموت، ويفسره " هيدجر" کنهاية للدازين، وأنه لم يعد هناک وجود في العالم، والموت تبعًا له هو موت الأنا، فلا أحد ينوب عني من الآخرين، فالموت هو إمکانية خاصة للفرد. في حين أن" ليفينس Levinas"  يرى أن" الموت هو موت الآخر، وأن يضع المرء نفسه تحت تصرف الآخر" (Levinas,1987a,P11). فالغيرية لا تنفصل عن الموت، فالذات متورطة في موت الآخر.
ويرى" ليفينس" أن الوجود نحو الموت Being TO Ward Death عند " هيدجر، لا يمکن أن يؤدي إلى علاقة اتيقية مع الآخر، فتجربة أن الموت ليس موتي أنا، وإنما هو تجربة موت الشخص الآخر، ذلک الشخص الذي يتجاوز العمليات البيولوجية منذ البداية، والذي يرتبط معي کشخص ضعيف فقير، يحثني على الإستجابة له، ولا يمکنني التنصل أو الفرار من هذه المسؤولية، ومن ثم ضرورة الموت من أجل الآخر Levinas,2000,P11)). ذلک لأن "موت الآخر يسبق اهتمامي بموتي أنا"  Levinas,1994b,P31))
کذلک يؤکد" ليفينس Levinas" أن تصور " هيدجر Heidegger" ليس حقيقيًا ذلک لأن الموت لا يمکن أن يتحول إلى إمکانية للذات، ذلک لأن الموت ليس خاصيتي، کما يرى " هيدجر" بأن الموت هو موتي أنا، فالموت لابد وأن يکون هو موت الآخر والإنسانية جمعاءHarold,2009,P12)) .
أيضًا اختلف " ليفينس" مع " هيدجر" في تحديده للموت "بأنه هو امکانية الاستحالة وليس هو استحالة الإمکانية"Levinas,1998b,P47)). حيث يؤکد "هيدجر" أن الموت هو الإمکانية الخاصة للدازين ( إمکانية الإستحالة) فالموت غير قابل للإستبدال، فعلى الرغم من أننا نتخلى عن حياتنا من أجل الآخرين، إلا أننا لم نتخذ موت الآخرين بمعنى أن نموت بدلًا منهم Bunnin&Yang&Gu.Linyu,2008,P146)).
 بينما" ليفينس" يفهم الموت" کغيرية والتي تتعارض مع وجود الدازين، فهو إمکانية الاستحالة وهذه الإستحالة تسبق الإمکانية"Levinas,1991b,P128)).
في ضوء ما سبق نجد أن  ليفينس" مغاليًا في تصوره لفکرة الموت، ففي واقع الأمر الأقرب للصواب هو أن الموت حدث خاص للأنا، فأنا أموت وحدي، ولا أحد ينوب عني. 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الخاتمة
يتضح لنا من خلال هذا البحث أن:
- يحظى مفهوم الوجه بمکانة عظيمة عند " ليفينس" وله جانب مقدس يحظر قتل الآخر، فهذا الوجه هو مصدر الإلزام الاتيقي وهو الذي يحدد أسس التعامل مع الآخر وليس العقل ولا مقولات المنطق، ولم يقصد بالوجه ملامح الشخص أو سماته وإنما قصد به دلالة اتيقية تعبر عن الاحتياج للرعاية والعون والمساعدة أنه دعوة للمحبة وللسلام مع الآخر.
- معظم المفاهيم الاتيقية عند" ليفينس" هى مفاهيم لاهوتية استقاها من الکتاب المقدس العبري والتلمود، ففلسفته مشبعة بالتفسيرات اليهودية والتقاليد اليهودية، بمعنى أنه قد مزج يهوديته بفلسفته أي التفکير في اليهودية فلسفيًا، والتفکير فلسفيًا باليهودية.
- إن تصور " ليفينس" للمسؤولية نحو الآخر يمثل عبئًا يقع على عاتق الأنا ويتولد عنها الظلم والطغيان والکراهية ، وربما تؤدي إلى الانتحار للتحرر من أعباء هذه المسؤولية حيث جعل " ليفينس" الأنا مسؤولة عن الآخر بشکل مطلق ومسؤولة عن کل الجرائم التي يرتکبها وهذه المسؤولية غير متناظرة، کما أن تصور" ليفينس" غير ممکن ومستحيل تطبيقه لأن هناک في الواقع العديد من الآخرين الذين يعيشون معًا في العالم وليس علاقة ثنائية فحسب.
- هناک غياب تام لمعنى الحرية في فلسفة " ليفينس" فمن الطبيعي أن الحرية تنطوي على الاختيار الحر بين العديد من البدائل بين قبول هذا أو ذاک، أو رفضهما معًا. أما عند" ليفينس" فالذات لا تمتلک أي اختيار وإنما يتعين عليها دائمًا الخضوع والاستسلام للآخر ولا سبيل للهروب من أوامره.
- أننا نلاحظ غياب فکرة الحوار الحقيقي عند" ليفينس"بين الأنا والآخر، فالحوار يکون بين طرفين على قدم المساواه يتبادلان الحديث معًا مثلما نجد عند " مارتن بوبر"أما" ليفينس" فقد جعل الآخر في منزلة أعلى حين جعله هو الذي يتحدث ويأمر وعلى الأنا الخضوع فقط فهى مجرد متلقي سلبي فحسب وهويتها تتحدد من خلال ما تقوم به من أفعال للآخر.
- هذا التصور الاتيقي عند " ليفينس" ينتج عنه غياب لقيم المحبة والاهتمام بالآخر وإبراز العنف والکراهية والطغيان.
- يسعى" ليفينس" إلى إحياء وجهة النظر الکانتية القائلة بأن الأخلاق حتمية وضرورية وملزمة بشکل قاطع، إلا أن هذه الحتمية الضرورية هذه لا تنبثق من العقل مثلما هو الحال عند " کانط" ، وإنما تنبثق من وجه الآخر والأمر الإلهي الذي يتجلى عليه ولا يرتبط الوجه بالايمان المعرفي وإنما يرتبط بالوحي الإلهي حيث يتم الکشف عن الله من خلال وجه الآخر والعلاقة الاتيقية. کما أنني لا أقابل الله کمحاور ولکن کآثر في الوجه،.بينما يبني " کانط" نظريته الأخلاقية من وجهة نظر ميتافيزيقية لأسبقية العقل وحرية الإرادة والإستقلال الذاتي للذات والإمتثال لقواعد العقل. نجد اتيقا" ليفينس" تتولد من التعبير المباشر والملموس للقتلى والجرحى والفقراء والمعوزين. والضعف والعجز الذي يشعر به الآخر.
- يمکن اعتبار الاتيقا عند " ليفينس" سائلة وسلسة ومفتوحة وغير محددة، فلغة الاتيقا عنده تنطوي على الإحترام والمسؤولية  والإلتزام بدلًا من القواعد والمبادىء والحقوق، لأن هدفه الأساسي ليس الدفاع عن معايير معينة، وإنما تنمية الشعور بالمسؤولية والخضوع للآخر والإنصياع لأوامره.
- لم يحدد لنا" ليفينس" من هو الآخر الذي يتعين على الأنا الإلتزام نحوه، إلا في أواخر فلسفته عند ولوج الفلسفة السياسية.
 
 
المصادر والمراجع:-
أولًا: المصادر:-
1. Levinas, Emmanuel(1985) Ethics and Infinity: Conversations with Phillipe Nemo. trans. R.A. Cohen. Pittsburgh: Duquesne University Press.
2. Levinas, Emmanuel (1987a) Collected Philosophical Papers, translated , Alphonso Lingis ,Martinus Nijhoff Publishers .
3. Levinas, Emmanuel (1987b) Time and Other, translated by, Richard A .Cohen, Duquesne University, press.
4. Levinas, Emmanuel (1991a) Totality And Infinity,3rd, trans, Alphonso Lingis, Kluwer Academic, Press.
5. Levinas, Emmanuel (1991b) Otherwise than Being: or Beyond Essence,4rd trans. Alphonso Lingis. Kluwer Academic Publishers.
6. Levinas,Emmanuel(1993) Outside The Subject, trans, Michael B. Smith ,Stanford University Press.
7. Levinas, Emmanuel (1994a) Beyond The Verse Talmudic Reading and lectures, trans, Gory D. Mole, Indiana University Press.
8. Levinas, Emmanuel ( 1994b) In The Time of Nations, Trans, Michael B. smith , Indiana University Press.
 
9. Levinas, Emmanuel (1996a) Proper Names, eds. Werner Hamcher & David E. Wellbery. trans. Michael B. Smith. Stanford: Stanford University Press.
10. Levinas, Emmanuel (1996b) Basic Philosophical Writing, Trans, Adriaan .T. Peperzak & Robert Bernasconi, and Simon Critchley, Indiana University Press.
11. Levinas, Emmanuel ( 1997) difficult freedom "essays on Judaism " trans, Sean Hand, The Johns Hopkins University Press.
12. Levinas Emmanuel (1998a) Entre Nous "Thinking Of The Other " trans, Michael B.Smith, Barbara Harshav, Columbia University Press.
13 .Levinas, Emmanuel(1998b) of God Who Comes To Mind, trans, Bettina Bergo, Stanford ,Press.
14. Levinas, Emmanuel(1999)Alterity And Transcendence, Trans,Michael B. Smith , 'in the United Kingdom, Landon.
15. Levinas,Emmanuel(2000) God ,Death ,And Time,trans, Bettina Bergo , Stanford University Press.
16. Levinas,Emmanuel(2003)Humanism Of The Other, Trans, Nidra Poller, University Of Illinois Press.
ثانيًا: المراجع العربية:-
1- بيکارد،ماکس(2018) عالم الصمت،ط1، ترجمة قحطان جلسم، دار التنوير للطباعة والنشر.
2- سارتر،بول(1965) عاصفة على العصر،ط1، ترجمة مجاهد عبد المنعم مجاهد،دار الآداب للنشر،بيروت.
3-سارتر،بول(1966) الوجود والعدم" بحث في الأنطولوجيا الظاهراتية"،ط1،ترجمة عبد الرحمن بدوي، دار الآداب للنشر،بيروت.
4- هيدجر،مارتن(2003) أصل العمل الفني،ط1، ترجمة أبو العبد دودو، منشورات الجمل للطباعة والنشر، ألمانيا.
ثالثًا: المراجع الأجنبية:-
1- Anderson, Ingrid Lisabeth (2005) Making Ethics First Philosophy" Ethics And Suffering In The Work Of Emmanuel Levinas , Elie Wiese , And Richard Rubenstein, Boston University Press
2- Atterton ,Peter , Calarco, Matthew , Friedman, Maurice (2004) Levinas & Buber ''Dialogue & Difference , Duquesne University Press.
Bernasconi,Robert & Wood David(1988) The Provocation Of Levinas" Rethinking The Other"," Paradox Of Morality."Interview With Levinas", Routledge, London.
3- Buber, Martin(1970) I & Thou, Trans, Walter Kufmann, Morrison And Gibb Press.
4- Buber, Martin(1998) The Knowledge Of Man, A Philosophy Of The Interhuman, Trans Maurice Friedman, And Ronald Gregor, Prometheus Book, New York Press.
5- Bunnin ,Nicholas, Yang, Dachun, Gu ,Linyu(2008) Levinas Chinese And Western Perspectives, Blackwell Publishing.
6- Cohen, Richard (1994) Elevations" The Height Of The Good In Rosenzweig And Levinas, University Of Chicago Press.
Demske,James M.(1970) Being,Man,And Death " A Key To Heidegger" Kentucky University Press.
7- Gorner, Paul (2007) Heidegger's" Being And Time", An Introduction University Of Aberdeen, Combridge University Press.
8- Goudge, Daniel, Martin(2009) Appearing Otherwise Encountering The Other In Levinas, Stony Brook University.
9- Gunning, Meredith(1990) A Bout Face" Altered States Of Subjectivity In Levina"s, University Of Toronto
10- Harold, Philip,J(2009) Prophetic Politics" Emmanuel Levinas And The Sanctification Of Suffering, Ohio University Press.
11- Heidegger, Martin(1996) Being And Time, Trans, Joan Stambaugh , Albang State University Of New York Press.
12- Katz, Claire(2003) Levinas, Judaism, And The Feminine" The Silent Footsteps Of Rebecca,Indiana University, Press
13- Keki, Basak (2014) Nietzsche And Levinas On The Ethics Of Subjectivity, University Of Sussex, Press.
14- Laforage, Genevieve(2008) The Importance Of Experience Art And Levinas, Stony Brook University Press.
15- Large, William (2008) Heidegger" Being And Time", An Edinburgh Philosophical Guide, Edinburgh University Press.
16- Park, Wonbin(2006) Emmanuel Levinas's Ethic Of The Other, Kenosis, And The Theodicy Questions, Boston University Press
17- Peperzak Adriaan (1995) Ethics As First Philosophy '' The Significance Of Emmanuel Levinas For Responsibility , Literature And Religion , Routledge ; New York Press
18- Peperzak, Adriaan(1993) To The Other" An Introduction To The Philosophy Of Emmanuel Levinas, Purdue University , Indiana Press
19-Purcell, Michael(2006) Levinas And Theology cambridge university press
20-Robbins, Jill(2001) Is It Righteous To Be ? Interviews With Emmanuel Levinas, Stanford University Press ,
21- Shepherd, Andrew ( 2014) The Gift Of The Other" Levinas, Derrida , And A Theology Of Hospitality, British Library
22- Stolle, Jeffrey, James(2001) The Paradox Of Ethical Immediacy " Levinas And Kant" University Of Dregon Press.
23- Wyschogrod,Edith(1974) Emmanuel Levinas" The Problem Of Ethical Metaphysics, The Hague Press.
ثالثًا: المقالات :-
1- Cates, Darin Crawford ( 2002) The Fact Of Reason And The Face Of The Other" Autonomy, Constraint , And Rational Agency In Kant And Levinas, The Southern Journal Of Philosophy, Vol, XL.
2- Hamblet, Wendy C,(2006) A Pathological Goodness" Emmanuel Levinas" Post- Holocaust Ethics, Minerva- An Internet Journal Of Philosophy, No 10
3- Loughin, Gerand (1994) Other Discourses, New Black Frias, Vol 75, No 878, Jannurary
4- Meir, Ephraim( 2010) Judaism And Philosophy" Each Other's Other In Levinas", Modern Judaism , Vol 30, No 3 , October Press.
5- Moore Michael Edward(N.D) Meditations on The Face In The Middle Ages ( With Levinas And Picard) ,( Oxford University Press is collaborating with Jstor to digitize, preserve and extend access to Literature and Theology
6- Spencer, Mark (2012) Ethical Subjectivity In Levinas And Thomas Aquinas common Ground, State University Of New York at Buffalo, The Heythrop Journal
7- Stanislaw, Kowalczyk, (1993) Martin Buber Dialogic Personalism and the Christian-Judaistic Dialogue,” Dialogue , and Humanism, vol.3, no.l
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
The concept of elegance in the the philosophy of Emmanuel levins
Safa Ali
 
Abstract:-
Levinas Was Known As Philosopher Of Ethics Of Alterity And a philosopher of the face. Levinas Has Remained his entire intellectual life calling The Ethics Is The First Philosophy, this Ethics Is Depends on The  Proximity Or Encounter The Human Other and having a face-to-face dialogue with him. taking the face as a Basis of his philosophy. where he describes the face as poverty, weakness and destitution, these expressions compel me to respond to it and take responsibility for him and die forhim.
Levinas Has assume The Face has Holiness,Where he sees that the infinite God is manifested on the face as a fleeting transgressor calling on me not to kill the other, saying "You shall not kill"
Any explicit call to love, care and concern for the other. Levines was influenced by Judaism and the encounter of God with Moses, peace be upon him, face-to-face, to emphasize the Holiness  of the face and the encounter with the other and the importance of this Encountering.
Levinas has depended on he Jewish tradition to formulate his Ethics, after the failure of morality in his view on the events of the Holocaust. He rejected all moral doctrines and formulated   Ethics of the  face.
 
 
 

Keywords

Main Subjects