تهدف الدراسة إلى التعرف على الخلافة الفاطمية وعلاقتها بالدولة الزيرية الصنهاجية وتأثيرها عليها، حيث نشأت هذه العلاقة منذ مساندة الزيريون للفاطميين في حروبهم ضد أعدائهم، والتي کانت تهدد الوجود الفاطمي في المغرب، ولذلک وقع اختيار الخليفة الفاطمي "المعز لدين الله الفاطمي" على "بلکين بن زيري" ليکون نائبًا عنه في حکم المغرب حينما قرر الانتقال إلى مصر، ونجح بلکين في إرساء قواعد إمارته في المغرب، وأراد أن يثبت استمرار تبعيته هو وخلفائه من بعده للخلافة في مصر، وذلک عن طريق الدعاء للخلفاء الفاطميين على المنابر، والحروب في المغرب باسم الخلافة، وإرسال السفارات والهدايا للخلافة للتأکيد على ولاء الزيريين. غير أن نجاح الزيريون في القضاء على خصومهم، وانشغال الخلافة الفاطمية بالأوضاع السياسية في الشام، جعلهم يتطلعون إلى الإستقلال، وهذا سيحول العلاقات بين الخلافة الفاطمية والإمارة الزيرية إلى علاقة عداء؛ فکلما أحس الفاطميون أن الأمراء الزيريون بدأوا في أخذ خطوات نحو الاستقلال، سنجد الخلافة ترد على هذه المحاولة عن طريق إثارة القبائل المعادية للزيريين فى إفريقية، حتى أعلن الأمير "المعز ابن باديس" انفصاله النهائي عن الخلافة الفاطمية في سنة 440هـ / 1048م، فغضب الخليفة الفاطمي من خروج المعز عليه وضياع جزء من خلافته، فقرر إرسال القبائل العربية من بني هلال وبني سليم إلى إفريقية لتأديب المعز وإرجاع بلاد المغرب إلى الخلافة، دخلت القبائل العربية إفريقية ودارت معرکة حيدران بينهم وبين المعز وانتصر فيها العرب والتي نتج عنها تخريب المدن الإفريقية وانقسامها إلى طوائف وانتقال عاصمة الزيريون من القيروان إلى المهدية، ويواجهوا مظاهر الفوضى والخراب التي أحدثتها القبائل العربية في إفريقية حتى سقوط عاصمة الدولة الزيرية في أيدي النورمان 543هـ / 1148م.